فازت الفنانة التشكيلية اليمنية شذى التوي بجائزة المرأة الأسكتلندية بعد أقل من سنتين من اقامتها في العاصمة الأسكتلندية إدنبره تكريماً لمساهمتها الفاعلة في مجال الفنون والثقافة. حيث قضت شذى معظم سنواتها في ممارسة انشطتها الثقافية والفنية في العاصمة اليمنية صنعاء قبل انتقالها مع زوجها الموسيقي صابر بامطرف الى اسكتلندا منذ نوفمبر ٢٠٢٠. وتم تتويج فائزة لكل فئة في حفل كبير اقيم في فندق ماريوت بمدينة غلاسكو الأسكتلندية في ٢٧
اكتوبر ٢٠٢٢، حيث كانت شذى العربية الوحيدة وفازت بالجائزة الاولى لفئة "الثقافة والفنون". وبعد تسلمها الجائزة، اعربت شذى عن سعادتها وحماسها، وقالت بأن الجائزة لا تعكس جهودها الفردية، وانما تعكس الكفاح والعطاء التي تتميز به النساء اليمنيات في موطنهن وفي المهجر، ومدى أهمية التصدي لإنهاء كافة أشكال التمييز وتقييد الحريات ضد النساء في الشرق الاوسط على الصعيد الحكومي والمجتمعي والاسري، وقدرتهن الهائلة في احداث التغيير واثراء المجتمعات معرفياً وثقافيًا، وكسر الصور النمطية عن شعوب المنطقة والمهاجرين، ومد جسور السلام الفاعلة وترميم ما تخلفه الحروب والنزاعات.
وهنا سنستعرض بإيجاز مسيرة شذى، ونعرج على بعض المحطات الهامة وخاصة منذ انطلاقها في الوسط الفني خلال الثمان السنوات الاخيرة:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شذى التوي، من بلدة شبام بمحافظة حضرموت من مواليد عدن عام ١٩٨٩. تلقت تعليمها في صنعاء من المرحلة الابتدائية وحتى الجامعية. حاصلة على بكالوريوس في تقنية المعلومات مع مرتبة الشرف من الجامعة الماليزية اوتارا ٢٠١٤ (فرع صنعاء).
ابتدأت مسيرتها الفنية برفقة زوجها الموسيقي عازف البيانو صابر بامطرف وذلك بعد زواجهما في عام ٢٠١٤ بصنعاء. حيث اقاما العديد من المشاركات الفنية والمعارض مع عدة مؤسسات ثقافية في اليمن، فقد كانت بداية انطلاقهما العلنية من مؤسسة البيسمنت الثقافية بفعالية فنية مشتركة تحت عنوان (سينيستيزيا اللون والنغم) عام ٢٠١٦ حيث قدمت شذى لوحاتها السيريالية المستوحاة من معزوفات زوجها لأول مرة. تبع ذلك حديثهما بعنوان (الاحساس المشترك) في تيدكس الجامعة اللبنانية بصنعاء والذي عرضا فيه تجربتهما الفنية وشاركا تطلعاتهم في الحياة.
الى جانب نشاطها الفني، عملت شذى لبعض المنظمات والمؤسسات الصغيرة في صنعاء في مجالي الإدارة وتقنية المعلومات، كما عملت كمديرة مكتب لشركة تقنية لمدة سنتين، أي حتى عام 2017 عندما قررت التفرغ التام للفن. فأنتجت عدة سلاسل فنية بإسلوب تجريدي يغلبه الطابع الرمزي، تعكس من خلالها مواضيع عن المرأة، والنازحين، والطفولة، والتعايش.
عُرضت قصة شذى وزوجها في الفيلم الوثائقي "صوت قزح" والذي عرض في مهرجان كرامة للأفلام القصيرة في عدة دول
، وهو الفيلم الذي كان من المفترض عرضه لأول مرة في مهرجان كرامة بصنعاء في اكتوبر ٢٠١٨ الى جانب العديد من الافلام المحلية والدولية، ولكن تم الغاء المهرجان بأكمله قبل انطلاقه بيوم من قبل السلطات بصنعاء وذلك بسبب صورة غلاف الفيلم الذي كان يحوي شذى وصابر بعد سيل من الاشاعات وحملات التحريض والتشهير الواسعة ضدهما، الأمر الذي أثر على نشاطهم الفني الذي كانا يتمتعان به في اليمن.
أقامت شذى المعارض الفنية محلياً ودولياً، وشاركت أيضاً في العمل المسرحي "عن بعد عبر الشاشة" الذي عرض في المملكة المتحدة عام 2019 تحت عنوان "لقد التقيت بالعدو" التابع لمسرح "الكومون ويلث"، إلى أن وصلت للمملكة المتحدة منذ نوفمبر 2020 لتستطيع مواصلة مسيرتها الفنية بدون قيود، وذلك بعد حصولها على جائزة زمالة من قبل صندوق حماية الفنان APF، بإقامة فنية في المعهد العالي للعلوم الإنسانية IASH التابع لجامعة أدنبرة بإسكتلندا.
انجزت شذى سلسلتها الفنية "العائلة" منذ ذهابها إلى إدنبره، بإسلوب يدمج الرمزي مع التكعيبي، السلسلة التي حازت على المركز الأول بجائزة "الجون بيرن" في ابريل ٢٠٢١ من بين اكثر من ٣٠٠ متقدم حيث ارفقت شذى لوحاتها بسرد نصي مؤثر تحت عنوان "أيهما أكثر إيلاماً.. الجوع ام الخوف؟". وعبر سلسلة العائلة، تنقل شذى معاناة العائلة اليمنية في الحصول على أساسيات الحياة كالأمن والغذاء والغاز والكهرباء وغيرها، وتم عرض لوحات السلسلة في معرض "اللوحة البيضاء" عدة مرات في جامعة إدنبره ومعاهد أكاديمية مختلفة، كان اولها المعرض الذي اقيم في المعهد العالي للعلوم الانسانية في يوليو ٢٠٢١، ومن ثم معرض “الفن كأداة للسلام” التابع لـ"منصة أدلة السلام وحل النزاعات" بكلية الحقوق - جامعة إدنبره في نوفمبر ٢٠٢١، وبالمتحف الوطني الأسكتلندي كجزء من "اللوحات النازحة" أثناء ندوة "الشباب وصناعة السلام - اسكتلندا والعالم" في أبريل ٢٠٢٢. وحظيت اللوحات باهتمام العديد من زوار المعارض من الباحثين بالجامعات العالمية المختلفة، والعديد من المهتمين بالشأن الإنساني والثقافي في اليمن.
ومنذ وصولها لأسكتلندا، ساهمت شذى في عدة انشطة مختلفة في الوسط الثقافي بالتعاون مع عدة جهات، وكفنانة مقيمة
في منظمة "آرت٢٧-اسكتلند"، أقامت معرض "هويات مشطوبة" في اكتوبر ٢٠٢١ بالتعاون مع نساء يمنيات عن بُعد، ونساء وبرلمانيات بارزات في اسكتلندا، حيث عرضت لوحات وصور تعكس الممارسات التي تطمس هوية المرأة المفروضة مجتمعيًا وثقافياً والتي تقيد حقها في اتخاذ القرار المناسب لها. وقامت شذى كذلك بتأليف مسرحية قصيرة بعنوان "صابر جاء لتناول الشاي" مع زوجها صابر، بمساعدة المخرج السينمائي والمسرحي ذائع الصيت "روبرت راي" الحاصل على عدة جوائز عالمية، وبمساعدة الشاعر الفلسطيني "غازي حسين"، حيث قامت شذى بتمثيل الدور الرئيسي بإسم "أفنان" الى جانب زوجها "صابر" ونقلا ثقافة جلسات الشاي الحضرمية العائلية مع ادخال الدراما التي تعكس تعقيدات وضع الحرب ولاسيما وضع المرأة، وتخللت المسرحية مقطوعات موسيقية من مؤلفات صابر التي قام بتنفيذها بصحبة موسيقيين أسكتلنديين، وألعاب خفة يجيدها صابر وسط مشاكسات "أفنان" واحاديث الغرفة الحضرمية، وتم دمج الجمهور في الحوار بإسلوب شيق وحميم. تم عرض المسرحية باللغة العربية بمرافقة ترجمات انجليزية نصية على شاشات في جانبي المسرح، ونالت المسرحية اعجاب الجمهور في عرضها الأول في اكتوبر ٢٠٢١، لتعرض مرة اخرى في المهرجان العالمي "فرينج ادنبره" في اغسطس ٢٠٢٢، وهو المهرجان الذي يعد الاكبر في العالم. كما عرضت شذى لوحاتها " اللوحات النازحة" كذلك في مهرجان الفرينج في إطار اقامتها الفنية مع آرت٢٧-اسكتلند.
ومنذ يونيو ٢٠٢٢، تم اختيار شذى كعضو في برنامج "الصلات التبادلية" التجريبي والذي يبحث عن سُبل تطوير التواصل وتعزيز الدعم للفنانين من خلفيات مهاجرة مع المنظمات الثقافية والمجتمعات المحلية في اسكتلندا. وفي يوليو ٢٠٢٢ تحصلت على منحة "عبر الحدود" المقدمة من "مجلس اللاجئين الاسكتلندي"، وفي اواخر اغسطس ٢٠٢٢، اختيرت كزميلة في
برنامج "ما وراء الحدود" وشاركت في ورشات العمل المختلفة الخاصة بـ"النساء في النزاع" المقام في المهرجان السنوي لمنظمة "ماوراء الحدود" بالحدود الاسكتلندية، حيث شاركت الحديث مع نخبة من الناشطات من مختلف الاقطار، والشخصيات الدبلوماسية المهتمة بشؤون الثقافة والسلام الاسكتلندي والدولي، وشاركن تطلعاتهن المختلفة مع الوزيرة الاولى في اسكتلندا.
بعد ثمان سنوات منذ انطلاقة شذى الفنية، بما فيها فترة اقامتها في اسكتلندا التي لم تُكمل السنتان بعد، تكللت في نهاية سبتمبر ٢٠٢٢ بوصول شذى لنهائيات جائزة المرأة الأسكتلندية في نسختها الرابعة، الجائزة التي تقوم بتكريم النساء الأسكتلنديات البارزات وتقدير عطائهن في المجالات المختلفة كالفن وادارة وريادة الاعمال والحلول المستدامة والبيئية وغيرها، حيث تم ترشيح شذى من قبل العامة وجهات مختلفة لتكون من ضمن قائمة العشر النهائية في فئة "المساهمات في الثقافة والفنون" جنبا الى جنب مع نساء بارزات منخرطات في الوسط الثقافي الإسكتلندي. وتم تتويج فائزة لكل فئة في حفل كبير اقيم في فندق ماريوت بمدينة غلاسكو الأسكتلندية في ٢٧ اكتوبر ٢٠٢٢، وكانت شذى العربية الوحيدة وفازت بالجائزة الاولى لفئة "الثقافة والفنون"، وبعد تسلمها الجائزة، اعربت شذى عن سعادتها وحماسها، وقالت بأن الجائزة لا تعكس جهودها الفردية، وانما تعكس الكفاح والعطاء التي تتميز به النساء اليمنيات في موطنهن وفي المهجر، ومدى أهمية التصدي لإنهاء كافة أشكال التمييز وتقييد الحريات ضد النساء في الشرق الاوسط على الصعيد الحكومي والمجتمعي والاسري، وقدرتهن الهائلة في احداث التغيير واثراء المجتمعات معرفياً وثقافيًا، وكسر الصور النمطية عن شعوب المنطقة والمهاجرين، ومد جسور السلام الفاعلة وترميم ما تخلفه الحروب والنزاعات.
بيان صحفي (لغة عربية)، صادر عن الموقع الرسمي للفنانة التشكيلية شذى التوي
للتواصل عبر صفحتنا اضغط هنا او عبر صفحات التواصل الاجتماعي للفنانة في اسفل الصفحة.
Comments